أصدرت شركة المركز المالي الكويتي " المركز الملخص التنفيذي عن نسختها المحدثة من سلسلة تقاريرها التي تغطي البنية التحتية في دول مجلس التعاون الخليجي وتشمل: الكهرباء، والمطارات، والموانئ البحرية، والطرق والطرق السريعة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والمياه.
وقالت في هذا التقرير الذي يغطي قطاع الكهرباء في المنطقة أنه خلال الأعوام الماضية، بذلت الدول الخليجية جهودا مضنية في تعزيز قدرتها على توليد الطاقة الكهربائية، بهدف تلبية الطلب المتزايد عليها بسبب نمو اقتصادها وسكانها، إذ وصل نمو الاستهلاك الكهربائي في دول التعاون إلى 9% تقريبا سنويا منذ عام 2002، ويشكل الاستهلاك السعودي والإماراتي 75% من مجموع استهلاك دول التعاون من الكهرباء .
ولفت التقرير إلى جملة المشاريع الكهربائية الكبيرة التي خططت لها المنطقة خلال العقد الماضي، وبدأت الآن تنفيذ عملياتها التشغيلية، و وفقا لهذا تضاعفت الطاقة الاستيعابية المركبة من 46,600 ميغا واط تقريبا في عام 2002، إلى نحو 98 ألف ميغا واط في 2009، أي أن معدل نموها السنوي المركب وصل إلى 10%. وشهد عام 2009 زيادة هائلة في الطاقة الاستيعابية بلغت 23% مع بدء مصانع عديدة في السعودية وقطر عملياتها التشغيلية. وفي الوقت الراهن، تعمل دول التعاون بهامش احتياطي يصل إلى حوالي 19%، مع زيادة معدل الاحتياط في قطر وأبوظبي بنسبة 43% و30% على التوالي.
علاوة على ذلك، عبرت الشبكة الكهربائية الخليجية بنجاح مرحلتين ، وتدخل مرحلتها الثالثة والنهائية، والتي تضم عُمان. أما السعودية التي تتمتع بأكثر طاقة كهربائية مركبة، فمن المتوقع أن تلعب دوراً رئيسياً في بيع الكهرباء، وكانت قد بدأت بإعداد دراسة حول إمكانية ربط الشبكة الكهربائية بدول شمال إفريقيا وحتى أوروبا.
كما بدأت دول التعاون بالبحث عن مصادر بديلة للطاقة مثل الطاقة الشمسية، والنووية، والغاز الطبيعي في مسعى منها إلى تعزيز طاقتها الاستيعابية وتنويع موارد الطاقة. في غضون ذلك، لفت التقرير إلى أن الطلب قد ينمو ما بين 7% إلى 8% سنوياً في الأعوام المقبلة، ومن المرجح أن تنفق دول التعاون 54 مليار دولار حتى عام 2015 على مشاريع تهدف إلى إضافة 32 ألف ميغا واط لطاقتها الاستيعابية من الكهرباء. ووفقا لنشرة ميد بروجتكس، فإن هناك حاليا 361 مشروع كهرباء ما بين توليد وتحويل ومحطات كهربائي وغيرها، في دول التعاون تصل قيمتها الإجمالية إلى 277 مليار دولار. وتقام الأغلبية العظمى من هذه المشاريع في السعودية والإمارات، إذ تصل مساهمة البلدين مجتمعين في هذه المشاريع 70%. ويبلغ عدد مشاريع السعودية منها 161 مشروع وهو الأعلى، تليها الإمارات بنحو 70 مشروع. مشاريع الكهرباء في دول مجلس التعاون الخليجي (الربع الثاني 2011)
من جهة أخرى، قال التقرير أن الركود العالمي أثر على دول التعاون، إذ بلغت نسبة المشاريع التي ألغيت 11%( قيمتها 31 مليار دولار)، في حين تم حاليا إيقاف 3%. وأضاف تقرير المركز أن أكثر من نصف المشاريع الملغاة البالغة 15 هي في السعودية، وقيمتها 17 مليار دولار، في حين أن قيمة المشاريع التي ألغيت في الإمارات تساوي 5.4 مليار دولار.
كما أشار التقرير إلى أن ثلث المشاريع البالغة قيمتها 92 مليار دولار تمر في مرحلة التنفيذ، وتتركز بشكل رئيسي في السعودية، إذ يبلغ عددها 73 مشروع.
إلى هذا، من المرتقب أن تزيد دول التعاون طاقتها الاستيعابية من الكهرباء بسبب خطط النمو الطموحة التي جاءت بعد ارتفاع أسعار النفط بشكل قوي على خلفية أزمة عامي 2008 و2009، وذلك لإرضاء احتياجاتها المتزايدة بسرعة على الطاقة. لكن سرعة ونوعية مشاريع التطوير متباينة، وتعتمد على احتياجات وطريقة كل بلد. على سبيل المثال، شهدت الكويت أبطأ معدل نمو سنوي في الاستهلاك الكهربائي خلال العقد الماضي، وبلغ 6%، بينما نما الاستهلاك في الإمارات وقطر عند حوالي 15%.
وعلى الرغم من أن قطاع الكهرباء شهد تغيرات هيكلية رئيسية في العالم، خاصة في الدول المتقدمة، إلا أن الاقتصاديات الجزئية لاستهلاك الكهرباء وخاصة توزيعها (البيع والتسعير) لا تزال قديمة في دول التعاون. وهو ما يعيق اتباع أطر عمل وهيكلة مالية حديثة في المشاريع الجديدة.
العرض يلاحق الطلب
بعيداً عن الكويت التي يبلغ احتياطيها من الإنتاج والاستهلاك 10% فقط، فإن دول التعاون الأخرى لديها هوامش مريحة أكثر نسبياً. ومع ذلك، إلا أن معدلات النمو العالية المتوقعة ستعجل بانخفاض هذا الاحتياطي سريعا. وبناء عليه، يشكل هذا العامل حافزا هاما لدول التعاون كي تزيد من إنتاجها لتحافظ على وجود فائض لديها.
وتهدف قطر إلى أن تكون مصدر صادرات الطاقة بعد دخول شبكة الربط الكهربائية بين دول التعاون مرحلة العمل بالكامل، إذ يزيد هامش احتياطي الكهرباء لديها عن 40%، وهي مهيئة جيدا لتزويد جاراتها بالكهرباء. وتسعى الإمارات أيضاً إلى لعب دور ، خاصة أبوظبي ، كمصدر لتوريد معظم الطاقة الاستيعابية الفائضة.
أما السعودية التي تملك أكبر طاقة مركبة، فتعمل على تنظيم وزيادة كفاءة قطاعها الكهربائي بهدف لعب دور في تصدير الكهرباء، على الرغم من أن نمو الطلب يعيق قدرتها على فعل ذلك. وإذا لم تزد طاقتها الاستيعابية بشكل كبير، فإن هامش الاحتياط سينخفض إلى 9% بحلول عام 2014.
زيادة دور القطاع الخاص
تبدي دول التعاون بشكل تدريجي ترحيبا بدخول القطاع الخاص في مشاريع الطاقة، وتعد مشاريع الكهرباء المشتركة بين القطاعين العام والخاص أول خطوة تنسيقية جيدة بدلا من الخصخصة البحتة، واستخدم هذا النموذج بنجاح في دول التعاون قبل سنوات من الآن. ورغم أن إيرادات الفائض والتسعير لا يعكسان الاقتصاديات الحقيقية والإدارات البطيئة في بعض الأحيان، إلا أن البيئة لم تساعد كثيرا في جذب الاستثمارات الخاصة.
مساهمة القطاع الخاص في البنية التحتية
يقول التقرير أن الكهرباء إحدى القطاعات الأولى التي فتحتها الحكومات الخليجية أمام القطاع الخاص للمساهمة في تطويرها. وتملك عُمان تجربة كبيرة في مجال الشراكة بين القطاعين العام والخاص في قطاع الكهرباء، ونجحت البلاد في تأسيس خمسة مشاريع كهرباء تبلغ طاقتها 1800 ميغاواط، وخططت لأربعة مشاريع إضافية ضمن برنامج منتجي الطاقة المستقلين ، وتبلغ الطاقة الاستيعابية الإضافية مجمعة 3500 ميغا واط تقريباَ. أما الحكومات الخليجية الأخرى فلجأت إلى اتباع نموذج مشاريع الكهرباء والماء المستقلة لتطوير قطاعاتها.
وكان التطبيق الناجح في عام 2009 لمشروع الشعيبة للمياه والكهرباء البالغة تكلفته 9 مليارات ريال سعودي أو ما يعادل 2.4 مليار دولار، وطاقته 1191 ميغا واط ،وجرى تنفيذه ضمن برنامج مشاريع الكهرباء والماء المستقلة- الأول من بين أربعة مشاريع وفق هذا النموذج- عامل إلهام لبقية نماذج هذه المشاريع في السعودية. فقد انضمت شركة سابك ، وأرامكو، والهيئة الملكية للجبيل وينبع مع مستثمرين من القطاع الخاص لتأسيس شركة خدمات أطلق عليها اسم مرافق للتوسع في توفير الماء والكهرباء في هاتين المدينتين الصناعيتين، وتبلغ الطاقة الاستيعابية لهذا المشروع أكثر من ألف ميغا واط.
وفي الكويت، كان مصنع الصليبية لمعالجة مياه الصرف الصحي أول مشروع بنية تحتية كبير ينفذه القطاع الخاص. بينما وفي البحرين تم تملك وتشغيل مصنع محطة العزل للكهرباء ومشروع الحد للكهرباء والماء المستقل من قبل مطوري طاقة عالميين.
التجزئة والتسعير وفق اقتصاديات حقيقية أكثر
بسبب توافر الطاقة مجاناً في قطر ، والطاقة المدعومة بشكل كبير في الكويت، فإن الإصلاحات الرئيسية ضرورية في مجال تجارة التجزئة. ومع ذلك، فإن بيع الطاقة للمستهلكين عند سعر الإنتاج أو أعلى منه، ومساهمة العوامل الخارجية في تكاليف التلوث ، صعب جداً سياسيا في دول التعاون. إلا أن الإمارات والسعودية بدأت لتوها زيادة أسعارها. في دبي حيث لا تعد إمارة غنية بالنفط، زادت سعر الكهرباء والمياه على المستهلكين في مارس 2008، و وضعت هيكلة " لائحة تسعير" ، حيث تزيد الأسعار مع ارتفاع مستوى الاستهلاك، وهذا في محاولة لكبح جماح الاستهلاك. لكن الإماراتيين معفيين من هذه التسعيرة الجديدة. وتشير تقديرات هيئة كهرباء وماء دبي إلى أن 20% فقط من المستهلكين سيتأثرون بالسعر الجديد. أما السعودية فتخطط من جانبها إلى تقديم تسعير تنافسي في تجارة التجزئة بحلول عام 2016.
من جهتها، يحق للحكومات دائما اختيار الأجر الذي تدفعه لمنتجي الطاقة المستقلين وفق سعر يتيح لهم جني الربح ، ومن ثم بيع الكهرباء لمواطنيها وفق سعر مدعوم. نموذج هذا العمل التجاري سيعمل، ولو بوجود انحراف رئيسي في طريقته. فالأسعار التي سيحصل عليها المنتجون مغرية، لكن بالنسبة للمستهلكين لا يوجد لديهم حافز كبير حتى الآن لتوفير وادخار الطاقة. فالطلب على الطاقة أثناء الذورة لن ينحسر، وبالتالي يستدعي هذا الأمر المزيد من الاستثمار في توليد الكهرباء.
شبكة الربط الكهربائي الخليجية
يقول تقرير المركز أن مشروع شبكة الربط الكهربائي الخليجية البالغة تكلفته 1.4 مليار دولار يهدف إلى تلبية الطلب المتزايد سريعا على الكهرباء، وتجنب النقص. وحال استكمال المشروع، سيوفر الكهرباء إلى جميع أنحاء دول التعاون. وكانت المرحلة الثانية من أصل ثلاث مراحل بدأت العمليات التشغيلية في إبريل من العام الجاري. وستوفر الشبكة أرضية لتجارة الطاقة وتبادلها، كما ستحسن من قدرة أنظمة الطاقة الحالية ، وتخفض من متطلبات احتياطي الكهرباء. وتتفاوض الدول الأعضاء الآن على بيع الكهرباء لكل منها، وستفرض عقوبات على كل واحدة إذا لم تلتزم بالحد الأدنى من مستوى الاحتياطي لدعم جاراتها أثناء حالات الطوارئ. ورغم تأخر انضمام عُمان، إلا أن الانضمام سيتبلور في غضون عامين.
# انتهى#
نبذة عن المركز المالي الكويتي "المركز"
تأسس المركز المالي الكويتي (ش.م.ك) "المركز" في العام 1974 ليصبح واحداً من المؤسسات المالية الرائدة على مستوى منطقة الخليج العربي في مجالي إدارة الأصول والاستثمارات المصرفية. ويدير المركز الآن أصولاً مجموعها 906 مليون دينار كويتي كما في 30 يونيو 2011 (3.4 مليار دولار أمريكي). وقد تم إدراج "المركز" في سوق الكويت للأوراق المالية في العام 1997.