المخاطر السياسية تهيمن على أسواق المنطقة

12/04/2011

أصدر المركز تقريراً مؤخراً يهدف إلى تحليل الاضطرابات السياسية الأخيرة في المنطقة من حيث تقييم المخاطر الاقتصادية التي تحملها. ويلاحظ القائمون على إعداد التقرير أن المحللين قد ربطوا الاضطرابات في المنطقة بعام 1989 حيث سقطت الشيوعية. ومع ذلك، إلا أن الدول العربية تختلف عن مجموعة دول شرق أوروبا الشيوعية في كثير من الجوانب. فالأولى تتميز بكونها مجموعة متنوعة وغير متجانسة في حين أن الشيء الوحيد الذي يتشارك به العرب هو العرق، إذ لا توجد سياسة اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية توحد المنطقة. فالعرب يمتدون إما من دول دينية متطرفة أو دول علمانية متطرفة، وبالتالي وبهدف المقارنة بشكل ناجح وفعلي بما يحدث الآن مع الأحداث التاريخية لا بد من العودة للوراء كثيراً إلى " ربيع الأمم". ففي عام 1848، أشعل ارتفاع أسعار الغذاء الذي ترافق مع مطالب بمزيد من الحريات المدنية الثورات في أنحاء أوروبا باستخدام "إعلام جديد" مثل طبع الصحف لنشر الكلمة. أما في الوقت الحالي، فتقوم مواقع التواصل الإجتماعي مثل فيسبوك وتويتر بهذا الدور.

من ناحية أخرى، أشار التقرير إلى أن الأزمات السياسية نادراً ما تأتي بطريقة غير متوقعة، وفي هذه الحالة، فإن لها جذوراً في العوامل الاقتصادية الشاملة. في تونس أشعلت تضحية شاب تونسي بنفسه بعد سلبه لقمة عيشه ثورة الياسمين، وكان المحفز للثورة وليس السبب.

وللعوامل الاجتماعية والاقتصادية الأساسية ذاتها مثل البطالة والفقر والتضخم وما إلى ذلك اتحدت مطالب المحتجين في أنحاء المنطقة. وبحسب دراسة المركز، فإنه كلما ابتعدت عن مركز اتجاه مؤشرات البلد، كلما زادت حساسية تعرضها للمخاطر.

وعلى ضوء أن المخاطر السياسية تلعب دور أم المخاطر جميعها، فإن تعرض الدول العربية للتغير يبدو في اتجاه تصاعدي، خاصة في مجال العوامل الاقتصادية.

وفي هذا السياق، يخوض التقرير في الجوانب الآتية:

1. ظهور " مشهد كبير"

في حين أن هناك بعض القواسم المشتركة في المنطقة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، إلا أن الاختلافات متباينة ومشتعبة أكثر. فدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا باستثناء دول مجلس التعاون الخليجي تتمتع بكثافة سكانية إذ يصل تعدادها إلى 320 مليون نسمة، وهي فقيرة إذ يبلغ متوسط الناتج المحلي الإجمالي لكل فرد إلى4,400 دولار، كما أنها أقل توجهاً نحو الشكل التطويري مقارنة بدول التعاون بسبب شح الموارد الطبيعية وميزايناتها المقيدة جداً. أما دول الخليج فهي أقل عدداً من حيث السكان إذ يبلغ عددهم 40 مليون نسمة، وأكثر من نصفهم في السعودية. كما أن هذه الدول أغنى بسبب توافر النفط إذ يصل متوسط الناتج المحلي الإجمالي للفرد إلى 38 ألف دولار، علاوة على توجهها نحو التطوير إلى جانب وجود نموذج الرعاية الاجتماعية من المهد إلى اللحد الذي يوفر وظائف مضمونة، وإعانات ومنح وما إلى ذلك. وعلى الرغم من الفوارق المذكورة أعلاه إلا أن هناك بعض الاختلالات الاقتصادية الشاملة المشتركة. والعامل الوحيد الرئيسي الذي يجمع المنطقتين هو طبيعة الحكم الأوتوقراطي أو حكم الفرد الواحد سواء كانت الدول جمهورية أو ملكية، مع وجود مشاركة سياسية أو ديمقراطية ضئيلة جداً. وهذا الفارق نقطة أساسية في معرفة كيفية تكشف الأمور لاحقاً مع تطور الوضع. وكسائر بقية دول العالم العربي، تتسم دول مجلس التعاون الخليجي بتركيبتها الشابة والنامية جداً، واختلالات سوق العمالة، وقضايا التضخم وبطئ إصلاحات التطوير.

2. تأثير الاضطرابات على حكومات دول التعاون وأسعار النفط

يقول التقرير إنه تداعيات الاضطرابات على المدى القصير قدمت نفسها بنفسها عبر ارتفاع أسعار النفط التي بلغت 26% منذ بداية العام وحتى هذا التاريخ، ومن خلال تصاعد مقايضات العجز الائتماني، وهبوط أسواق الأسهم ( ستاندرد آند بورز للدول العربية هبط بنسبة -8% منذ بداية العام وحتى هذا التاريخ)، إلى جانب تخفيض التصنيفات الائتمانية. وفي حين أن الأثر على المدى القصير واضح، إلا أن على المحليين السياسيين توخي الحذر حيال التداعيات بعيدة المدى.

إلى هذا، وفي غضون الأعوام القليلة القادمة، يتوقع القائمون على إعداد هذا التقرير أن نشهد زيادة في حجم الإنفاق الحكومي خاصة الحالي الأمر الذي سيؤدي إلى تضخيم البيروقراطيات بشكل أكبر وتخفيض التسهيل المالي مع سعي الحكومة إلى استرضاء مواطنيها عبر برامج الرعاية الاجتماعية والمنح النقدية، والمساعدات.

الاضطرابات في الشرق الأوسط

 في غضون ذلك، تعود أي قفزة في أسعار النفط (برينت يحلق فوق 120 دولار للبرميل) مباشرة إلى الاضطرابات في المنطقة خاصة ما يدور في ليبيا. فمنذ بداية العام قفزت أسعار النفط بنسبة 21%. وبالنظر إلى البلدان التي تشهد احتجاجات مثل ليبيا التي تنتج 108 مليون برميل يومياَ، والجزائر التي تنتج 2.13 مليون برميل يومياً، وإيران التي تنتج 4.18 مليون برميل يومياً، وجميعها توفر للعالم عُشر النفط في العالم، وبالتالي فإن أسعار النفط مرجحة للارتفاع ما لم تهدأ الأوضاع.

3. الاستجابة المتوقعة للأزمة

على الرغم من أن أسباب المحتجين تتشابه، إلا أن الردود عليها تباينت بشكل واسع بحسب التزامات بكل بلد. ففي دول التعاون الغنية، كان الاسترضاء النقدي هو السمة البارزة، ففي السعودية والبحرين تم تقديم منح نقدية وزيادة الإنفاق على الرعاية الاجتماعية لحل مشكلة الاحتجاجات. أما الدول الأخرى الأقل ثراء مثل الأردن واليمن والجزائر وغيرها فاندفعت نحو تقديم تنازلات أو إصلاحات سياسية آنية لقمع الاحتجاجات المدنية، في حين أن الوضع الفريد في ليبيا نتج عن نزاع مفتوح.

4. بقع سريعة التأثر

يقول التقرير إن الاضطرابات الأخيرة اقتصادية أكثر منها سياسية على اعتبار أن سخط المتحجين ناجم عن ضعف الأاء الاقتصادي القوي خاصة في المسائل المتعلقة بالفقر والبطالة والتضخم وما إلى ذلك.

منذ عام 2000، كان متوسط معدل البطالة في العالم العربي أعلى من 10%، وهو ضعف ما يعد معدل البطالة الطبيعي الذي يصل إلى 5-6% في الأسواق المتطورة وأعلى من متوسط الأسواق الناشئة حيث هناك يبلغ 7.5%. علاوة على ذلك، تعد التركيبة السكانية في المنطقة شابة جداً، إذ إن نحو 50% منهم دون سن 25 سنة، وهو ما يتسبب بتدفق هائل لسوق العمالة سنوياً، في حين أن خلق الوظائف لا يستطيع مواكبة هذه الأعداد من المدخلات.

أما أعلى مستويات الفقر فتشهدها اليمن إذ إن 45.2% من السكان يعيشون دون أقل من دولارين في اليوم، ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي لكل فرد حوالي 1,230 دولار. يليها العراق الذي يصل فيه معدل الفقر إلى 25% والناتج المحلي الإجمالي للفرد 2,625 دولار. وفي مصر يعيش 18 مليون فردا أو 20 % تحت خط الفقر، وهو عدد يتجاوز كل سكان من الأردن وليبيا والكويت والبحرين وقطر مجتمعة.

واستناداً إلى منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة " الفاو" ، فإن أسعار الغذاء في العالم ارتفعت للشهر السابع على التوالي في يناير، بزيادة وقدرها 3.4% من مستويات ديسمبر المتصاعدة حيث وصل المؤشر إلى ذروته وبلغ 231. من جهتها، تتسم دول التعاون بمستويات تضخم منخفضة نسبياً بسبب مساعدات الغذاء المرتفعة التي تقدمها الدولة والحفاظ على الأسعار ضمن الفحص والمراقبة، على الرغم من أن السعودية وعُمان تشهد مستويات تضخم عالية.

# انتهى#
معلومات حول "المركز"

و الجدير بالذكر أن المركز المالي الكويتي (ش.م.ك) "المركز" ، الذي يدير أصولاً يزيد مجموعها عن 1.03 مليار دينار كويتي كما في 31 ديسمبر 2010 وتأسس "المركز" عام 1974 ثم أصبح واحداً من المؤسسات المالية الرائدة على مستوى منطقة الخليج في مجالي إدارة الأصول والاستثمارات المصرفية . و تم إدراج "المركز" في سوق الكويت للأوراق المالية في عام 1997