"المركز": فجوة معرفية في دول التعاون الخليجي وبيئة الأبحاث تحتاج للمزيد من التطوير

16/07/2014

أطلق المركز المالي الكويتي "المركز" مؤخرا بحثا عن قطاع الأبحاث في دول مجلس التعاون الخليجي، ويخلص التقرير إلى أن بيئة الأبحاث والابتكار في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي ما زالت تحتاج للمزيد من التطوير، مشيرا إلى أن الإنفاق على أعمال البحوث والتطوير تكاد لا تذكر، ويبلغ في المتوسط في دول مجلس التعاون 0.3% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنةً بنسبة 2.3% في الدول الصناعية المتقدمة.

ويشير التقرير إلى تنامي حاجة دول مجلس التعاون الخليجي  في السنوات الأخيرة إلى سد الفجوة المعرفية من خلال إعداد الأبحاث مع تكثيف دول المنطقة لجهودها الهادفة إلى التنويع ولدفع عجلة الاقتصاد باتجاه مشاريع التنمية والتطوير القائمة على المعرفة، إذ أدت الاستثمارات الهامة في مشاريع البنية التحتية، وإنشاء المدن الاقتصادية والمجمعات الصناعية وتأسيس الجامعات ذات المستويات العالمية إلى إيجاد طلب إضافي على البحوث، في حين أدى النقص في المؤسسات التعليمية ذات النوعية الجيدة وانخفاض معدل الالتحاق ببرامج الدراسات العليا إلى انخفاض أعداد حملة درجات الدكتوراه، ما أثر سلبًا على أنشطة البحث الأكاديمي.

وذكر تقرير "المركز" أن نصيب منطقة الشرق الأوسط بأكملها ما لا يزيد عن مجرد 1% من إجمالي إيرادات البحوث في السوق العالمية، وهي إشارة إلى تدني الإمكانيات القائمة في المنطقة في مجال دراسات وبحوث التسويق. كما أن غياب البيانات التي يمكن الاعتماد عليها والبحوث ذات المصداقية قد أعاق قدرة استثمارات القطاع الخاص على تحمل مخاطر مدروسة.

وتشمل قائمة مقدمي خدمات الدراسات والبحوث في منطقة الخليج العربي عددًا كبيرًا من الشركات العالمية والمحلية، في حين تقوم هيئات دولية منها صندوق النقد الدولي، ومعهد التمويل الدولي، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بإجراء دراسات وبحوث اقتصادية، كما تقدم المشورة حول السياسة الاقتصادية والمالية والهيكلية للإدارة الفعالة للاقتصاد وزيادة حجم التجارة والاستثمارات والإنتاجية والرفاهية الاجتماعية للمواطنين. ويتيح لها تواجدها في الدول المختلفة من خلال شبكتها الواسعة والمترامية التي تغطي جميع القارات، القدرة على مقارنة النظم المختلفة والتوصية بالسياسات المناسبة. كما أنها تضع المعايير للدراسات التحليلية التي تجريها هيئات أخرى وتؤثر على صنع القرار من خلال تحفيز المناظرة العامة حول السياسة الراهنة.

كما توفر المعاهد المختصة بتطوير السياسات، إضافة إلى المنظمات غير الحكومية مشاركةً عامةً أكبر من خلال إقامة المناظرات والوقوف على آراء أطياف مختلفة من الناس، وهي تؤثر على عملية صنع القرار وغالبًا ما تحمل صناع السياسات المسؤولية عن القرارات التي يتخذونها عبر مراقبتها للسياسات وتقييمها. وتركز بحوث السياسات بشكل رئيسي على القضايا الاجتماعية (التعليم والرعاية الصحية وضوابط الحوكمة)، والاقتصادية (إيجاد الفرص الوظيفية والتنويع الاقتصادي)، والإقليمية (ترشيد استغلال الموارد، والمواطنة، والاتحاد النقدي)، والدولية (السياسة الخارجية، والعلاقات السياسية، والشؤون الدولية).

كما لفت تقرير "المركز" إلى طبيعة مشاريع البنية التحتية المركّبة ذات المتطلبات الفنية الكبيرة، والتي يحتاج تنفيذها إلى موارد ذات كفاءة عالية ومهارات متفوقة في إدارة المشاريع. ويسهم الاستشاريون المسلحون بمهاراتهم المتخصصة وشبكات معارفهم الهائلة في هذه الجهود من خلال اختيار وتقييم الشركاء المحتملين وإخضاعهم لدراسات الحرص الواجب النافية للجهالة. كما أنهم يساعدون في إجراء دراسات الجدوى وتسهيل إدارة المشاريع وتقديم المشورة حول استراتيجية الأعمال. وفي دول مجلس التعاون الخليجي، أدت الاستثمارات الكبيرة التي تم توظيفها لتطوير البنية التحتية الاجتماعية والمادية، وزيادة الاعتمادات المالية المخصصة في الميزانيات الحكومية إلى زيادة الحاجة إلى إجراء البحوث والدراسات في مجال البنية التحتية. كما أن نمو صناعة الخدمات (الخدمات المالية، والاتصالات، والتجارة والسياحة) وزيادة المخصصات في ميزانيات دول المنطقة للإنفاق على تطوير البنية التحتية الاجتماعية كمؤسسات التعليم والتدريب ومنشآت الرعاية الصحية، قد أدت أيضًا إلى تحفيز النشاط في هذه الشريحة.

كما تتسم الجامعات ومراكز البحث الأكاديمي بكثافة المعرفة فيها، حيث يتم باستمرار تنفيذ ونشر الأبحاث الأكاديمية. وفي السعودية، تعتبر جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا التي تم إنشاؤها مؤخرًا ثاني أكبر وقف جامعي في العالم تبلغ قيمته 20 مليار دولار أمريكي، بعد جامعة هارفارد الأمريكية التي تبلغ قيمة وقفها 32 مليار دولار أمريكي، وتتمتع جامعة الملك عبدالله بالقدرة على ترؤس الأنشطة البحثية وأن تصبح محورًا رئيسيًا للبحوث والدراسات في المنطقة. ويتركز البحث الأكاديمي في منطقة الخليج العربي بشكل رئيسي على الطاقة البديلة، والتنمية العمرانية المستدامة، والمواد المتقدمة، والدراسات البيئية، والتقنية الحيوية.

كما تقدم المصارف المركزية في دول مجلس التعاون الخليجي الإحصاءات حول الحسابات الوطنية والمراكز المالية في الدول المعنية، بينما توفر هيئات الإحصاءات العامة البيانات الاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية. وتعتبر المعلومات المؤسسية التي تفصح عنها الشركات الخليجية ضئيلة لا تذكر، حتى تلك التي تفصح عنها الشركات المساهمة المدرجة في الأسواق المالية. وتفتقر منطقة الخليج العربي للمحللين المؤهلين الحاصلين على المهارات المطلوبة والشهادات المهنية لتفسير وتحليل البيانات المالية والاقتصادية. وقد كانت المنطقة تعتمد على الخبرات الأجنبية التي لا تجيد في الغالب اللغة العربية، ولذلك فقد بقيت المنطقة غير قادرة على تزويد مواطنيها بالمهارات التحليلية اللازمة.

ونظرًا للأهمية الاستراتيجية للنفط كمورد اقتصادي على المستوى العالمي، وبالقياس إلى حجم القطاع في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، لا يزال هذا القطاع الأوسع دراسةً والأكثر فهمًا. هذا وتعتمد أسواق الأسهم في منطقة الخليج العربي بشكل رئيسي على قطاع تجارة التجزئة، ولذلك فإن شركات الوساطة في جانب البيع هي التي تقوم بإجراء معظم الدراسات والبحوث المتعلقة بالأسهم. وتتأثر نوعية بحوث الأسهم سلبًا بفعل النقص في التوجيه حول الأوضاع المستقبلية وتقديرات الأرباح الصادرة من الإدارة وسوء نوعية الإفصاحات التي تحتوي عليها التقارير السنوية. كذلك فإن كمية الدراسات والبحوث المتعلقة بالدين تعتبر ضئيلة جدًا حيث إن سوق الدين لا تزال حديثة العهد في منطقة دول مجلس التعاون، وهذا ناتج عن ضآلة حاجة دول مجلس التعاون إلى الاقتراض، بينما تعتمد الشركات على التمويل المصرفي لمشاريعها.

وقد أدى الإقبال على السندات الإسلامية (الصكوك) – والتي شهدت زيادة  كبيرة في إصداراتها في السنوات الأخيرة، إلى تحفيز النشاط البحثي في هذا المجال. وتقوم مصارف استثمارية إقليمية رائدة بإجراء بحوث حول أدوات الدخل الثابت تشمل التصنيف الائتماني السيادي، وقيم شهادات الإيداع، ومعدلات فوائد الإقراض بين المصارف، ومنحنى العائد للسندات الأمريكية وأداء مؤشرات السندات والصكوك الرئيسية.

- انتهى –

نبذة عن المركز المالي الكويتي "المركز"

تأسس المركز المالي الكويتي (ش.م.ك.ع) "المركز" في العام 1974 ليصبح أحد المؤسسات المالية العريقة على مستوى منطقة الخليج العربي في مجالي إدارة الأصول والاستثمارات المصرفية. ويدير المركز الآن أصولاً مجموعها مليار دينار كويتي كما في 31 مارس 2014 (3.6 مليار دولار أمريكي). وقد تم إدراج "المركز" في سوق الكويت للأوراق المالية في العام 1997.

- انتهى –