الهاجري: الخيارات الأساسية لتنمية اقتصادنا هي أربعة وأسواق المال لاعب أساسي لتحقيق رؤية 2035

30/01/2019

  • التمويل من القطاع الخاص مصدر بديل للتمويل ولكنه يرتبط بدرجة العوائد والمخاطر
  • هناك منافسة شديدة في المنطقة لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة
  • الخيارات الاستراتيجية المتاحة لتنمية الاقتصاد الوطني إما تقليدية (الصناعة والخدمات) وإما غير تقليدية (بين الطاقة البديلة والاقتصاد المعرفي)  
  • رغم وضوح الخيارات، هناك غموض في اتخاذ القرار نتيجة لتحديات تتعلق بالدعوم في أسعار الكهرباء وأسعار الأراضي والبنية التحتية
  • من الضروري وضع سياسة استثمارية وطنية واضحة بشأن الدعوم والحوافز
  • 80% من النمو يرتكز على التكنولوجيا وليس العمالة أو الموارد
  • تفعيل القطاع العام وحوكمة عقود الشراء وتفعيل أسواق المال وترويج الفرص المتاحة من أهم من أهم سبل تمكين وتنمية الاقتصاد الوطني

قال مناف عبد العزيز الهاجري، الرئيس التنفيذي لشركة المركز المالي الكويتي "المركز"، خلال مشاركته في فعاليات مؤتمر وملتقى الكويت الصناعي بكلمة اشتملت على مجموعة من التوصيات التي ترمي إلى إعادة صياغة الاقتصاد الكويتي وتحقيق أقصى استفادة من أسواق المال: "تنحصر الخيارات المتاحة لتنمية الاقتصاد الوطني في أربعة خيارات، إما تقليدية (الصناعة والخدمات)، وإما غير تقليدية (الطاقة البديلة والاقتصاد المعرفي). ورغم بساطة هذه الخيارات، إلا أن هناك بعض الغموض في اتخاذ القرارات نتيجة لبعض التحديات التي تواجه السوق؛ مثل أسعار الأراضي المتضخمة، وأسعار الكهرباء المدعومة، والبنية التحتية."

وأضاف الهاجري أن الاستفادة المثلى من أسواق المال لم تتحقق بعد، حيث يتحتم تبني سياسة استثمارية وطنية واضحة تجعل من تلك الأسواق أداة فاعلة في تحقيق الرؤية الاقتصادية الكويتية. ولأن الكويت بحاجة إلى رؤوس الأموال الكبيرة، فإن توافر منظومة مالية سليمة الأداء أمر جوهري لضمان كفاءة تخصيص رأس المال. وتعمل أسواق المال بالأساس كوسيط مالي يسمح بجمع رؤوس الأموال ذات الطبيعة طويلة الأجل والأشد مخاطرةً.

وتعد احتياجات التمويل الخاصة بتحسين كفاءة البنية التحتية، بما في ذلك توفير الوحدات السكنية، وتعزيز إنتاج الطاقة، وقدرات وسعة المطارات والموانئ، علاوة على تطوير الطرق، ومواجهة آثار التغير المناخي، احتياجات هائلة. فعلى سبيل المثال، خصصت الكويت أكثر من 100 مليار دولار لمشاريع البنية التحتية ضمن خطتها للتنمية الوطنية. ولن يكون من الحكمة الاعتماد بشكل كامل على الحكومة أو القطاع المصرفي في تمويل الاستثمارات. والأجدر هو الاستغلال الأمثل لأسواق المال الرئيسية - المحلية والدولية - للمساعدة في سد الفجوة. ويمثل جمع ديون القطاع الخاص وتمويل الأسهم مصدران مهمان لتمويل مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وتطوير أسواق الدين المحلية أمر بالغ الأهمية في توفير حلول مالية مبتكرة في الاقتصاد نحو مزيد من الشراكة بين القطاعين العام والخاص. ويمكن لأسواق الدين جمع الأموال من القطاع الخاص لتمويل البنية التحتية ومشاريع الإسكان والقطاعات الأخرى ذات الأولوية، وبالتالي تقليل الاعتماد على التمويل الحكومي.

وأشار الهاجري أن الكويت بحاجة إلى البناء على ما حققته من تقدم على صعيد تحسين بيئة الأعمال، فمن شأن وضع إطار تنظيمي قوي وباقة من المحفزات أن يعزز من مساعي تشجيع القطاع الخاص على المشاركة بدور أكبر في الاقتصاد. وتحتاج الكويت إلى تنسيق مجهوداتها عبر انتقاء قطاعات بعينها والتركيز عليها بما يتناغم وأهدافها طويلة الأمد.

"على الرغم من الدعم الذي تتلقاه بعض القطاعات وتشجيع إنتاجها لضمان الأمن الغذائي، ولاعتبارات أخرى تتعلق بالأمن الوطني، إلا أنه من الأجدر التركيز على القطاعات التي تتمتع فيها بميزة تنافسية، مثل الصناعات البتروكيماوية، والخدمات التجارية والمالية، والطاقة البديلة، والصناعات القائمة على المعرفة. وسوف يساعد ذلك أيضاً في تنويع القاعدة الاقتصادية للدولة بما يتماشى مع أهداف رؤية كويت جديدة 2035 المتمثلة في أن تكون الكويت مركزاً مالياً تجارياً رائداً في المنطقة."

ونوه الهاجري إلى أن الكويت بصدد تعزيز مخرجاتها الصناعية بنسبة 25% أكثر من المستويات الراهنة خلال الأعوام المقبلة. إلا أن الكويت تواجه تحدٍ يتمثل في تخصيص الأراضي الصناعية المحدودة ومنح التراخيص بهدف إعطاء دفعة للقدرات الصناعية للدولة.

كما يجب النظر في المسائل الاجتماعية الضرورية، مثل خلق الوظائف للمواطنين في ظل التوجه للاعتماد على الروبوت وأتمتة بيئة العمل. وعندما تكون الرؤية واضحة بشأن كيفية توجيه الاقتصاد الكويتي على الدرب السليم، يمكننا ابتكار الحوافز التي تشجع مشاركة القطاع الخاص واجتذاب المستثمرين الأجانب. كما يمكن إصلاح منظومة الدعم الحالية بحيث تدعم النفقات الحكومية نمو الإنتاجية.

وأكد الهاجري على الحاجة إلى التركيز على الابتكار، خاصة أنه يمثل مع التقدم التقني أساساً لما نسبته 80% من النمو. وكانت العولمة والأسواق الحرة سبباً في هيمنة القيادات العالمية الناشئة. وهنا يمكن أن نذكر جوجل وفيسبوك وأمازون وأوبر كأمثلة على شركات خدمية عالمية ناجحة وواعدة.

وللحكومة دور تمكيني حاسم في دفع عجلة الاقتصاد. ففي السياق الكويتي، تأسست هيئة تشجيع الاستثمار المباشر وأوكلت إليها مهمة تمهيد سبل اجتذاب الاستثمارات الأجنبية والاستفادة من الفرص الاقتصادية المتاحة. إلا أن الفرص هي ما نفتقر إليه. وبوسع الحكومة، كونها صاحبة الدور الأكبر في الاقتصاد الكويتي، أن توفق سياساتها حتى تتيح للقطاع الخاص، لا سيما الشركات الصغيرة والمتوسطة، الاستفادة من سلاسل الإمداد العالمية. وفي هذا الصدد، يتحتم الاهتمام ببرامج نقل التكنولوجيا، وهو ما يجب على الشركات الوطنية القيام به للارتقاء في سلسلة القيمة. ولتحقيق ذلك، يتعين على الكويت التغلب على العوائق والتحديات المتأصلة في القطاع العام، ومنها الافتقار إلى الخبرة، وغياب المساءلة على النحو المطلوب، والحاجة إلى إعادة صياغة المبادئ التوجيهية لعقود الشراء.