الهاجري: الأموال الأجنبية ستنتظر تداولا متناغما مع مستثمرينا المؤسسيين مثل الصناديق الاستثمارية

26/09/2018

هذا التغيير سيجد مع الوقت طريقه إلى مجالات أخرى مثل صفقات الاندماج والاستحواذ، والجمعيات العمومية، والتي من شأنها أن تكون أكثر فاعلية ورشد مع زيادة وتنوع المستثمرين المؤسسين

البنوك الاستثمارية احتضنت العديد من الشركات وساهمت بتطويرها وانطلاقها للعالمية ومنها بعض الشركات التي أدرجت مؤخرا في مؤشر فوتسي للأسواق الناشئة

لاحظنا أن مدراء الثروات العالميين وعملائهم من الشركات العائلية غالبا ما يلجؤون إلى قطاعنا في محافظهم العالمية لأن هناك تحديات وعوائق على أرض الواقع ولا يمكن تخطيها بدون الحلول التي نقدمها

نرى أن الاستثمار في القطاع النفطي يستأثر بالسيولة المؤسسية مع شحٍ في الاستثمار في مشاريع القطاعات غير النفطية مما يشكل حاجة لتبديد هذا التضارب

كيف لنا أن نتطور من سوق حدّي إلى سوق متقدم إذا كان المستشار العالمي ينصح مستثمرينا المؤسسيين أن يستثمروا في الخارج لأن المخاطر عالية في الكويت حسب رأيهم؟

  أشاد السيد مناف عبد العزيز الهاجري، الرئيس التنفيذي، شركة المركز المالي الكويتي "المركز" في مقابلة خاص خلال مؤتمر يوروموني الكويت 2018، بانضمام سوق الأسهم الكويتي لمؤشر فوتسي راسل للأسواق الناشئة، واصفا الانضمام بالإنجاز المهم. وأكد أن هذا الانجاز يجب ألا يثنينا عن التساؤل حول الخطوات القادمة والمستحقة لتحقيق الاستدامة على صعيد السيولة في السوق الكويتي.    

وقال الهاجري: "يعتبر الانضمام لمؤشر الأسواق الناشئة إجراء مهم من ضمن حزمة من الإجراءات التي يجب اتخاذها لتحقيق الإصلاح المتكامل في السوق، إلا أنه ليس الإجراء الأوحد للوصول إلى النتيجة المرجوة. وتبقى التساؤلات عن الإجراءات المستحقة بعد هذا الإنجاز قائمة. فمساعٍ مثل تلك المتعلقة بجذب رؤوس الأموال الأجنبية، سواء كانت عن طريق أدوات الدين أو الاستثمارات الأجنبية، لا تهدف في نهاية الأمر إلى استقطاب الأموال الأجنبية فحسب، ولكنها تهدف إلى رفع الممارسات المصاحبة لهذه الصفقات."

وأضاف: "إن أهمية الانضمام لمؤشر فوتسي راسل للأسواق الناشئة بالنسبة للكويت تكمن في تعزيز الثقة وتكريس أفضل الممارسات العالمية في السوق، وتغيير ثقافة السوق المضاربية إلى ثقافة الاستثمار المؤسسي. وأرى أن هذا التغيير لا يجب أن يكون مقصورا على سوق الأسهم، بل يجب أن يجد طريقه إلى مجالات أخرى في القطاع الخاص الكويتي مثل صفقات الاندماج والاستحواذ، والجمعيات العمومية للشركات، والتي من شأنها أن تكون أكثر مهنية لو اشتملت على مجموعة متنوعة من المستثمرين المؤسسيين عن طريق الصناديق الاستثمارية مثلا، والتي بإمكانها أن تلعب دورا مهما في المستقبل في تحقيق التناغم مع رؤوس الأموال الأجنبية والصناديق المؤسسية القادمة من الخارج."

وبسؤاله عن مدى قناعته بتطبيق مؤسسات القطاع الخاص لمعايير الحوكمة، قال الهاجري: "تخضع الشركات المدرجة في الكويت إلى رقابة دقيقة وخصوصا مؤسسات القطاع المالي في الكويت، والذي يشمل البنوك والمؤسسات المالية الأخرى مثل "المركز"، حيث يخضع للرقابة من قبل هيئة أسواق المال بالإضافة إلى بنك الكويت المركزي. ويعد القطاع المالي هو من أفضل القطاعات رقابةً وتطبيقاً والتزاماً بالقواعد التنظيمية في الكويت والمنطقة. ولا أعتقد أن هذه الرقابة على القطاع غليظة بل مستحقة، فهناك دائما حاجة ماسة لرفع مستويات الشفافية، وحوكمة المصالح، وتكريس المحاسبة وهو ما يصب في خانة تحسين تنافسية اقتصادنا الوطني. وشهدت ثقافة الحوكمة في القطاع المالي تغييرا جذريا وشاملا منذ إنشاء هيئة أسواق المال. ويتحتم أن يصاحب جهود الرقابة المزيد من الجهود لاستعادة الثقة في سوق الأسهم."

وأضاف الهاجري: "في حين تم استقطاب الصناديق الأجنبية، يجب الالتفات حاليا إلى الصناديق المؤسسية المحلية من خلال استراتيجية محددة لاستعادة دورها الحيوي في السوق. ولا أتحدث هنا عن الصناديق الاستثمارية ومديري المحافظ فقط، بل أيضا عن المؤسسات الكويتية التي لعبت دورا محوريا في تأسيس سوق الأوراق المالية في الكويت قبل إنشاء الهيئة، والتي مازالت تحتاج للاستمرار سياساتها في هذا الصدد، وهي سياسات حققت لها عوائدا قوية."

وأشار إلى تقدم الكويت في قطاع الخدمات المالية وأسواق المال مقارنة بالاقتصاد الكلي، فالأخير يعني التعامل مع ملفات شائكة أكثر مثل التعليم والصحة وتحدياته أكثر، مؤكداً أن سد الفجوة بين الأسواق الحدية والأسواق الناشئة يمثل تحدٍ للقطاع المالي وسيساهم في سد هذه الفجوة الانضمام لمؤشر فوتسي الذي سيليه لا شك تحركات أخرى في نفس الاتجاه. إلا أن الإنجازات التي حققها القطاع منذ تأسيس الهيئة العامة للاستثمار تعتبر علامات فارقة، وعلى سبيل المثال، أطلقت الهيئة العامة للإستثمار في التسعينيات نشاط الصناديق الاستثمارية في الكويت، ومازال مدراء الصناديق حتى اليوم يقومون بدور نشط في القطاع. وهناك العديد من النجاحات ونقاط القوة التي يجب الاستفادة منها خصوصا أن السوق الكويتي يشهد نموا ملحوظاً.

وعن التوزيع الجغرافي لثروات المستثمرين الكويتيين، قال الهاجري: "أن غالبية المستثمرين الكويتيين هم من الشركات العائلية والمدرجة التي تستوطن معظم ثرواتها وأنشطتها التجارية في الكويت، وعلى وجه التحديد في العقار الذي يتمتع بعوائد قوية تفوق تلك السائدة في الدول الصناعية على سبيل المثال لكن الأخيرة تتفوق في الاستقرار الجيوسياسي. هذه الشركات تستدعي إدارة محلية أيضاً لإدارة أصولها وخصومها بشكل أوثق. وفي "المركز" على سبيل المثال، نعمل على تنويع الاستثمارات في عدة فئات للأصول وفي عدة مناطق جغرافية حول العالم. وهناك توجه عام من قبل الشركات العائلية للجوء للأسماء المعروفة من مديري الثروات العالميين المتواجدين في المنطقة أو حتى في لندن أو نيويورك، ولكن لاحظنا أن مدراء الثروات العالميين أو حتى عملائهم من الشركات العائلية غالبا ما يلجؤون إلينا في "المركز" لأن هناك تحديات وعوائق على أرض الواقع ولا يمكن تخطيها بدون تضافر الحلول التي يقدمها مدراء الثروات العالميين مع ما نقدمه في "المركز" من حلول، فمدير الاستثمار الأجنبي لا يمتلك الخبرة اللازمة لإدارة العقار المحلي على سبيل المثال، والذي يمثل الجزء الأكبر من أصول كثير من المستثمرين في الكويت."

وعن أبرز التحديات التي تواجهها الشركات الاستثمارية في الكويت في مجال التكنولوجيا المالية، قال: "هناك العديد من التحديات التي يواجهها القطاع المالي مثل التقنيات المالية ومواكبة التكنولوجيا في هذا القطاع. ولكنني أعتقد أن التقنيات المالية ليست أمراً حديثاً على هذا القطاع، حيث أننا لطالما استثمرنا في مجال تكنولوجيا المعلومات لمواكبة التقدم وتقديم أفضل الخدمات خصوصا في مجالات الأمن الإلكتروني ومنصات التفاعل مع العملاء."

وأضاف الهاجري: "إن نموذج أعمال "المركز" يقوم بشكل رئيسي على إدارة الأصول لقاعدة عملاء تمثل المؤسسات والشركات العالمية الجزء الأكبر منها. كما يقدم "المركز" الخدمات المصرفية الاستثمارية التي احتضنت العديد من الشركات وساهمت بتطويرها وانطلاقها للعالمية ومنها بعض الشركات التي أدرجت مؤخرا في مؤشر فوتسي للأسواق الناشئة. وفي حين تنظر رؤوس الأموال الأجنبية لأسهم الشركات المصنفة في السوق الأول وهي 16 شركة، تتسع نظرتنا لتشمل 175 شركة مدرجة في السوق، ونرى أن دورنا في هذا المجال هو تمكين الشركات من الإدراج في السوق والترقي في مؤشراته لتحقيق أهدافها المتعلقة بالنمو المستدام، ما يمثل نقطة قوة بالنسبة لقطاع الخدمات المصرفية الاستثمارية في الكويت بشكل عام. ولكن التحدي الأبرز في الكويت يتمثل بضعف نمو أرباح الشركات والائتمان المصرفي."

وذكر: "لم ينعكس الإنفاق الحكومي على الشركات المدرجة بشكلٍ متناسب، حيث أن قليل فقط من هذا الإنفاق وجد طريقه إلى القطاع المالي الذي يحظى بتنظيم رقابي ممتاز. أما التحدي الرئيسي فيتمثل في التنسيق بصورة أكبر لتطبيق السياسات الاقتصادية. ففي حين يتركز نقاشنا على أهمية التنويع الاقتصادي بعيدا عن القطاع النفطي، نجد مثلا أن الاستثمار في القطاع النفطي يستأثر بالسيولة المؤسسية مع شحٍ في الاستثمار في مشاريع القطاعات غير النفطية، مما يشكل حاجة لتبديد هذا التضارب. وأعتقد أن المستشارين العالميين يساهمون بخلق هذه المعضلة. فكيف لنا أن نتطور من سوق حدّي إلى سوق متقدم إذا كان المستشار العالمي ينصح مستثمرينا المؤسسيين أن يستثمروا في الخارج لأن المخاطر عالية في الكويت حسب رأيهم؟"

وقال الهاجري: "أعتقد أنني متفائل بمستقبل القطاع المالي لأنه القطاع الذي أثبت أنه قادر على الابتكار لمواكبة تحديات القطاع الخاص وهي تحديات لا شك أنها ستكثر مع طموح الخطط الاقتصادية القادمة. ومتفائل أيضاً بدورٍ أكبر للقطاع الخاص مع دخول المستثمر الأجنبي للسوق المحلي وما يجلبه معه من ثقافة عقلانية. فالشركات الأجنبية لا يمكنها تقديم استشارات تساعد الشركات المحلية على النمو دون مساندة مؤسسات محلية متخصصة في إدارة الأصول والخدمات المصرفية الاستثمارية. وإذا كان الهدف هو رفع مستوى السيولة في مجمل السوق بشكل عام، فلا يمكن تحقيق ذلك إلا بتفعيل الدور الطبيعي للشركات المحلية المختصة من خلال خدمات مثل الطروحات الأولية للاكتتاب وإصدار السندات وجمع رؤوس الأموال وغيرها، ومن خلال مزاولة دورها كمستثمر مؤسسي وصانع سوق. ويمكن للمؤسسات الاستثمارية المحلية ذات الخبرة والمعرفة والتاريخ الطويل من الأداء الجيد أن تلعب دوراً فعالاً في جذب الاستثمارات إلى كافة الشركات المدرجة."

###

الصورة: السيد / مناف الهاجري، الرئيس التنفيذي، شركة المركز المالي الكويتي "المركز" من مؤتمر يوروموني الكويت 2018

###