أشار التقرير الشهري الصادر عن المركز المالي الكويتي "المركز" حول أسواق المنطقة أن معظم أسواق دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد أنهت شهر ديسمبر لعام 2015 بأداء سلبي متأثرة بالتراجع في أسعار النفط بأكثر من 16% خلال الشهر وإعلان الميزانيات المثقلة بالعجز. وكان التراجع الأكبر من نصيب مؤشر السوق السعودية (-4.5%)، تلاه مؤشر الكويت السعري (-3.2%) ومؤشـر الكويت الوزني (-2.9%)، متأثراً بانخفاض أسعار النفط وإعلان ميزانية المملكة لسنة 2016 والتي توقعت خفضًا في الإنفاق وعجزًا بقيمة 87 مليار دولار أمريكي. كما تأثرت الأسواق أيضًا بالتكهنات حول التدابير الأخرى المحتملة والتي تشمل تنفيذ إصلاحات تطال الإعانات والضرائب.
ومن جهة أخرى، تراجعت السوق المصرية للعام 2015 بنسبة 24% بسبب ضعف الإصلاحات ونقص العملات الأجنبية، بينما تراجع مؤشر تداول لجميع الأسهم السعودية بنسبة 17%. وأنهت جميع مؤشرات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سنة 2015 بانخفاض، وشهد معظمها معدلات تراجع تجاوزت 10%. وتمثلت التطورات الأبرز على مدى السنة في انخفاض أسعار النفط، والتطورات السياسية الإقليمية والعالمية، ورفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة مؤخرًا، والمصاعب السائدة في منطقة اليورو. وإلى جانب ذلك، تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز لدول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 2.4% في شهر ديسمبر، ليصبح بذلك معدل التراجع التراكمي 17.4% لسنة 2015.
وقد واصلت سيولة أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اتجاهها الصعودي في ديسمبر، لينمو حجمها بنسبة 4% وترتفع القيمة المتداولة بنسبة 14.1%. وباستثناء البحرين والكويت وقطر وأبوظبي، فقد شهدت أسواق دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعلى رأسها المغرب وسلطنة عمان والأردن، ارتفاعًا في حجم السيولة. وحققت المغرب أعلى معدل للتحسن، حيث نمت فيها القيمة المتداولة بنسبة 388% والكمية المتداولة بنسبة 360%. غير أن السيولة في أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد تراجعت للسنة عمومًا بنسبة 30% مقارنةً بالسنة السابقة، لتصبح القيمة المتداولة فيها 559 مليار دولار أمريكي للعام 2015.
وعلى صعيد آخر، شهدت الشركات القطرية تحسنًا في أدائها هذا الشهر، حيث حققت شركة أوريدو (قطر) مكاسبًا بنسبة 13.6% في شهر ديسمبر، تلتها شركة صناعات قطر (قطر) وبنك قطر الوطني (قطر) بنسبة 10.5% و9.4% على التوالي. وقد حظت أوريدو بشهر جيد، حيث وقعت مذكرة تفاهم مع الخطوط الجوية القطرية لتأمين خدمة الواي-فاي على متن طائراتها، وحققت سرعات تصل إلى 375 ميغابايت في الثانية بتركيب تقنية الجيل الرابع المتقدمة للتطوير طويل الأمد LTE-A، وقامت بتوسعة خدماتها لتشمل جزر المالديف. كما أعلنت عن استثمارات في مجال حلول مراكز المعلومات. وكان بنك قطر الوطني قد استحوذ خلال الشهر على مصرف "فينانس بنك تركيا" في صفقة بقيمة 2.94 مليار دولار أمريكي تعتبر إحدى أكبر صفقات الاستحواذ التي يبرمها حتى اليوم أي مصرف خليجي خارج سوقه المحلية. وفي المقابل، تراجع أداء الشركة السعودية للصناعات الأساسـية (-14.5%) نتيجة لانخفاض أسعار النفط، لتصبح بذلك سابك الأسوأ أداءً في السوق خلال الشهر، تلتها الشركة الكويتية للأغذية (-11.5%)، وبنك الإمارات دبي الوطني (-7.5%)، بينما كانت مؤسسة الإمارات للاتصالات الأفضل أداءً لسنة 2015 محققة مكاسباً بلغت 61.7% بعد أن تعافت من تأثيرات الأزمة المحاسبية التي طالت أداء الشركة في العام 2014.
وصدرت الميزانية القطرية لسنة 2016 في 16 ديسمبر 2015، شاملة خفضاً في الإنفاق في ظل العجز المالي المتوقع في قطر للمرة الأولى منذ خمس عشرة سنة. ويقدر الإنفاق المتوقع في الميزانية للسنة القادمة بما مجموعه 55.6 مليار دولار أمريكي، أي بتراجع بنسبة 7.3% مقارنةً بالسنة المالية السابقة، وذلك على الرغم من ارتفاع الإنفاق الحكومي على الرواتب والأجور والمشاريع الكبرى – ومنها على سبيل المثال مبادرات النقل والمواصلات الكبرى والتحضيرات لكأس العالم 2022. ومن جهة أخرى، أصدرت المملكة العربية السعودية أيضًا ميزانيتها والتي بلغ حجمها 223.8 مليار دولار أمريكي، مع سعي المملكة إلى تحقيق مزيد من التنويع في إيراداتها إبان فترة تسود فيها أسعار النفط المنخفضة. وقد أعلنت الحكومة عن تكبدها لعجز بقيمة 97.9 مليار دولار أمريكي في العام 2015 (15% من الناتج المحلي الإجمالي) مستهدفة تقليص هذا العجز إلى 86.9 مليار دولار أمريكي في ميزانية العام 2016. كما توقعت خفض الإنفاق إلى 224 مليار دولار أمريكي مقارنةً بالإنفاق الفعلي البالغ 260 مليار دولار أمريكي في العام 2015. والتزمت الحكومة ببذل جهود لضمان أن المشاريع الحكومية التي يجري العمل على تنفيذها تعتبر ضرورية وأكثر كفاءة ويمكن تحمل أعباء تكاليفها. أما في سلطنة عمان، فيقدر الإنفاق الحكومي وإيرادات الدولة لسنة 2016 بما مجموعه 30.9 مليار دولار أمريكي و22.3 مليار دولار أمريكي على التوالي، ما يؤدي إلى عجز يقدر بما مجموعه 8.6 مليار دولار أمريكي، أي أقل من العجز المتوقع للعام 2015 والبالغ 11.7 مليار دولار أمريكي. كما أن الإنفاق لسنة 2016 أقل بنسبة 15.6% مما كان عليه في العام 2015 (36.6 مليار دولار أمريكي)، بينما تراجعت الإيرادات التقديرية بنسبة 25.86% مقارنة بإيرادات بلغت 30.1 مليار دولار أمريكي في السنة السابقة.
وإلى جانب ذلك، لم تسهم التحذيرات بفرض عقوبات جديدة على إيران في كبح تراجع أسعار النفط، حيث انخفض سعر خام برنت بنسبة 16.4% في ديسمبر 2015 لتصل بذلك نسبة الانخفاض الإجمالية السنوية إلى 35%، ليغلق السنة عند مستوى 37 دولار أمريكي للبرميل، ويمثل هذا تراجعًا بنسبة 68% من المستويات المرتفعة التي وصل إليها في يونيو 2014 (115 دولار أمريكي للبرميل). ومع نمو حجم الإنتاج في الولايات المتحدة ودول منظمة أوبك على مدى الأشهر القليلة الماضية، يمكن أن تستغرق الأسواق بعض الوقت للتخلص من فائض العرض النفطي. وتشير تخمة المخزونات النفطية حول العالم إلى انخفاض أسعار النفط في المدى القريب إلى المتوسط.
نبذة عن المركز المالي الكويتي "المركز"
تأسس المركز المالي الكويتي (ش.م.ك.ع.) "المركز" في العام 1974 ليصبح أحد المؤسسات المالية العريقة على مستوى منطقة الخليج العربي في مجالي إدارة الأصول والاستثمارات المصرفية. ويدير المركز الآن أصولاً مجموعها 1.05 مليار دينار كويتي (3.47 مليار دولار أمريكي) كما في 30 سبتمبر 2015. وقد تم إدراج "المركز" في سوق الكويت للأوراق المالية في العام 1997.