خطة التنمية الكويتية: من أجل بداية صحيحة

24/04/2011

أشار التقرير الذي صدر عن شركة المركز المالي الكويتي " المركز" بعنوان "خطة التنمية الكويتية: من أجل بداية صحيحة" و الذي يتناول خطة الكويت الانمائية (2010-2014) بالاضافة الى مختلف المخاطر المرتبطة بنجاحها و الموارد اللازمة لتخفيف هذه المخاطر. وبحسب القائمين على إعداد التقرير تعتبر الخطة طموحة بلا شك. غير أنه اذا توفرت إستراتيجية عمل متماسكة، فحتى الأحلام الطموحة أيضاً يمكن تحقيقها. فمباشرة العمل في مثل هذه الخطط بنجاح لم يعد "خياراً" بل أصبح "ضرورة". فعلى ضوء التحديات التي تواجه البيئة الكويتية مثل النمو السكاني السريع, ودخول أعداج متزايدة من القوة العاملة الشابة الى سوق العمل عاما بعد عام, أضف الى ذلك التقلبات الحادة في أسعار النفط مما يترتب عليه من ضغوطات على الميزانية العامة و الانفاق العام, أصبح من الضرورة توفر خطة واضحة البرامج و الأهداف تقفز فوق هذه التحديات و تعمل على خلق وظائف حقيقية للمواطنين و تحقق تنويع في مصادر الدخل للدولة, و ذلك من خلال رسم سياسات جديدة للتعليم العام و سوق العمل تعمل على تحفيز فرص عمل جديدة و تحسين بيئة و ظروف العمل. فالصورة الخارجية للكويت, باعتبارها تمثل اقتصاداً ساكناً, تحتاج إلى "عملية تجميل". فأي شيء أفضل من خطة التنمية الكويتية لتحقيق كل ذلك؟

الخطية المتوسطة الأجل قدرت بقيمة 30-35 مليار د.ك (ما يعادل 125 مليار دولار أمريكي) هي الأولى في سلسلة من هذه الخطط الخمسية والتي تمتد حتى عام 2035، والتي تهدف إلى تحويل الكويت إلى مركز تجاري ومالي إقليمي.

وتتكون الخطة للسنة المالية 2010/2011 من 884 مشروعاً بقيمة تقارب 5 مليار د.ك تتوزع على أربع مراحل وتشمل تلك التي لم يتم البدء بها بعد. وكما في النصف الأول من السنة المالية، فإن نصف المشاريع أصبحت إما في مرحلة الاعتماد المالي/اعتماد التصميم أو مرحلة التنفيذ. والجزء الأكبر من المشاريع، وعددها 259 (ما نسبته 29% من إجمالي المشاريع) هي في المرحلة الأخيرة للاعتماد في حين أن 141 مشروعاً (ما نسبته 16%) ما زالت في مرحلة الإعداد أو لم يتم البدء بها بعد.

لا بد من الإشارة إلى أن مجرد وجود حاجة ليس كافياً لطرح ومباشرة مثل هذه الخطة المكلفة. فخلال النصف الأول فقط من السنة المالية، برزت العديد من المخاطر التي شكلت نوعاً من العوائق في وجه التنفيذ السريع والمستدام للخطة. وثمة حلول قد تعمل على التخفيف من حدة هذه المخاطر. بيد أن هذه الإجراءات تتطلب قدراً من الالتزام بالتعاون بين الأطراف المعنية.

ومن حيث التقدم المحقق حتى الآن في خطة السنة الأولى (2010/2011) وطبقاً لتقرير سير العمل نصف السنوي ، فقد تم إنفاق 735 مليون د.ك على 884 مشروعاً المقترحة للسنة والتي تشكل 15% من التكلفة المرصودة في الميزانية والبالغة 5 مليار د.ك. فإذا وزعنا هذا الرقم على السنة بالكامل، فإننا نصل إلى إنفاق السنة بالكامل والبالغ 1,5 مليار د.ك وبنسبة إنجاز تبلغ 30% والتي تتفق مع التوقعات الأخيرة لمعالي نائب رئيس مجلس الوزراء للشئون الاقتصادية الشيخ أحمد الفهد الصباح. وقد تم توزيع الإنفاق بشكل عادل بين الربع الأول والربع الثاني بنسبة 45% و55% من إجمالي الإنفاق على التوالي.

والمشروعات موزعة ما بين تلك التي تدعم بشكل مباشر خطة التنمية الكويتية (مشروعات داعمة لسيايات الخطة) مقابل المشروعات النمطية والتي لا تتبع بالضرورة السياسات الخاصة بخطة التنمية الكويتية بوضوح. ويتم تصنيف هذه المشروعات بناء على ما إذا كانت مشروعات تنموية أو مشروعات بنية أساسية بطبيعتها. 38% من المشروعات (334) هي مشروعات متضمنة في السياسة وبتكلفة مرصودة مقدارها 1,05 مليار د.ك للسنة تم تحقيق ما نسبته 18% منها. ومن المشروعات النمطية والتي تشكل 62% من إجمالي عدد المشروعات وبتكلفة مرصودة تبلغ 3,9 مليار د.ك (أو 79% من إجمالي التكلفة المرصودة في الميزانية)، تم تحقيق 14% من التكلفة المرصودة في الميزانية.

إضافة إلى ذلك، فإن معظم المشروعات، سواء كانت متضمنة في السياسة أو كانت مشروعات نمطية، هي مشروعات بنية أساسية في طبيعتها (493 مشروع بميزانية تقديرية تبلغ 4.2 مليار د.ك). ومن هذه المشروعات تم إنفاق ما نسبته 14% أو 589 مليون د.ك. أما بالنسبة للمشاريع التنموية (وعددها 391 مشروعاً بتكلفة مرصودة في الميزانية تبلغ 783 مليون د.ك) فإن ما نسبته 19% أو 146 مليون د.ك منها قد تم إنفاقه.

الإنفاق الحكومي

من المتوقع أن يتم توزيع تمويل الخطة بنسبة 50/50 بين القطاع الحكومي والخاص. ولم يتم بعد وضع التصور النهائي لآلية التمويل بشكل محدد والتي خضعت للكثير من الجدل في الصحافة وفي العديد من المنتديات (أنظر القسم بعنوان المخاطر المالية). والعديد من المشروعات تقع تحت الميزانية الخاصة بالجهات الرسمية المعنية بحيث يتم تمويلها داخلياً في حين أن المشروعات الكبرى سوف تحتاج إلى تمويل إضافي من الحكومة والقطاع الخاص.

اتسم الإنفاق الحكومي خلال السنوات الثماني الماضية بالتفاوت مع غياب أي توجه واضح. وارتفع نمو الإنفاق بمعدل 50% قبل أن ينخفض بنسبة 6% في عام 2008. وحلّق الإنفاق مرتفعاً بمعدل 88% ليتجاوز 18 مليار د.ك في عام 2009 بسبب الارتفاع لمرة واحدة في التحويلات إلى المؤسسة العامة للتأميبت الاجتماعية والتي بلغت 6,3 مليار د.ك والتي لولاها لتوقف الإنفاق عند مستوى 12 مليار د.ك، بمعدل نمو سنوي يبلغ 23%.

شهد العام 2010 تراجعاً في الإنفاق بنسبة 38% في حين رصدت توقعات الإنفاق للسنة المالية الحالية ما قيمته 16,3 مليار د.ك، بزيادة قدرها 45%.

وقد نمى الانفاق التنموي بثبات منذ عام 2004، حيث بلغ أكثر من 1 مليار د.ك في عام 2009 قبل أن يتراجع بنسبة 9% في عام 2010. وتتوقع السنة المالية الحالية (2010/2011) أن يتضاعف الانفاق التنموي ليصل إلى أكثر من 2 مليار د.ك ارتباطاً بخطة التنمية الكويتية.

إضافة إلى ذلك، فإن مصروفات النصف الأول من عام 2010 المتضمن في خطة السنة المالية 2010/11 تتوافق مع تلك المرصودة في الميزانية للسنة حسب الميزانية المالية لسنة 2010/2011. وقد رصدت الحكومة في الميزانية حوالي ضعف المبلغ للمصروفات التنموية لتصل إلى 2 مليار د.ك بحيث تشمل الإنفاق البالغ حتى الآن 735 مليون د.ك بالإضافة إلى مصروفات العام بالكامل والبالغة 1,5 مليار د.ك في حال توافق الإنفاق في النصف الثاني من خطة العام 2010/11 مع الإنفاق في النصف الأول من العام 2010.

الإنفـاق التنمـوي

المخاطر ووسائل تخفيف المخاطر

إن عملية طرح وتنفيذ خطة التنمية الكويتية تواجه العديد من المخاطر مع مرور الوقت. ولذلك فقد يكون من المفيد التفكير بهذه المخاطر وكذلك بالموارد التي نحتاج لها للتخفيف منها. وسوف نتناول بالتحليل المخاطر التالية:

  • المخاطر السيادية – القدرة على بناء الإجماع

تكمن المخاطر السيادية المؤثرة في مدى نجاح أو فشل خطة التنمية الكويتية في قدرة الدولة على بناء درجة من التوافق بين الحكومة ومجلس الأمة في السير قدماً إلى تحقيق طموحات الخطة. إن إيجاد الحلول للقضايا الواردة أعلاه يتطلب وقتاً طويلاً باتجاه التخفيف من المخاطر السيادية المرتبطة بخطة التنمية. وهذه الخطة لن تبلغ النجاح ما لم تحظى بدعم واضح ومستمر من الجهات الحكومية والبرلمانية على حد سواء.

  • مخاطر التمويل – القدرة على إيجاد تمويل طويل الأمد

كان موضوع تمويل الخطة (على المدى القصير والطويل) موضع جدل في العديد من المجالات، حيث أن آلية تمويل الخطة (لاسيما فيما يتعلق بالمشروعات التي تنطوي على مقدار ضئيل أو معدوم من العائد على الاستثمار مثل المشروعات الإسكانية) لم يتم الانتهاء منها بعد.

من الأهمية بمكان وضع سياسة واضحة بخصوص مشاركة القطاع المالي في خطة التنمية الكويتية، باعتبارها آلية فضلاً عن أنها هدف من أهداف من الخطة. ومن المتوقع أن يلعب القطاع المالي دوراً كبيراً في تمويل مشروعات الخطة على المدى الطويل والقصير على حد سواء. ومن جانب آخر، فإن أحد الأهداف المعلنة للخطة هو توسيع وتطوير القطاع المالي المحلي. هاتان المسألتان يمكن أن تعملا باتجاه الهدف نفسه فقط في حال تم الوصول إلى سياسة واضحة لإدارة الدور الذي يضطلع به القطاع المالي.

والوسيلة الرئيسية التي تتم مناقشتها حالياً في تنفيذ مختلف مشروعات خطة التنمية هي التمويل المصرفي التقليدي والتي تركز على التمويل قصير الأمد أكثر من محاولات التمويل طويل الأمد. إضافة إلى ذلك، وفي ضوء الأزمة المالية الأخيرة أصبحت البنوك أكثر حذراً وانتباهاً للمخاطر في ممارسة عمليات الإقراض وقد لا تكون مستعدة لبعض التمويل الذي تتطلبه الخطة.

ما نحتاجه هو سياسة تمويل طويلة/قصيرة الأمد واضحة وتستفيد من التمويل التقليدي ولكن من شأنها أيضاً أن تعمل على توسيع آفاق الخيارات التمويلية الأخرى مثل السندات وتمويل الميزانين والشركات الخاصة وغير ذلك.

  • مخاطر التشغيل/التنفيذ – القدرة على التغلب على المعوقات

ان مقياس نجاح خطة التنمية الكويتية سوف يكون في النتائج المادية المحسوسة التي ستنشأ عن هذه الخطة الطموحة أو كما يقولون "الأمور بخواتيمها". وفي هذا السياق فقد تم تحديد عدد من مخاطر التشغيل/التنفيذ التي قد تعيق أو تخلق معوقات أمام خطة التنمية ومشاريعها. وقد أدركت الحكومة أن هذه المخاطر تقع على عاتقها لأنها ترتبط بصورة أساسية بالبيروقراطية الشديدة والتشريعات غير الكافية وغيرها من السياسات الأخرى، هذا على الرغم من وجود بعض المخاطر التشغيلية الأخرى التي تنشأ في صورة نتائج اقتصادية بسبب سوء تنظيم تنفيذ المشاريع.

تشكل البيروقراطية وعدم كفاية التشريعات قضيتين هامتين في وجه خطة التنمية الكويتية ونجاحها. وقد يستغرق حل هاتين المسألتين وقتاً طويلاً من أجل تحسين الفرص المستقبلية للخطة وأهدافها بعيدة المدى الرامية إلى التنوع الاقتصادي وإشراك القطاع الخاص.

  • مخاطر رأس المال – القدرة على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الخطة التنموية الكويتية.

إن فوائد جذب المشاركة المتزايدة في الاقتصاد من جانب المستثمرين الأجانب واضحة لا لبس فيها. فالمستثمرون الأجانب لا يأتون برأس المال فحسب، بل أيضاً والأهم من ذلك أنهم يجلبون معهم الخبرات والكفاءة والابتكار، ناهيك عن أنهم يضفون شيئاً من الثقة على البلاد وبالتالي يسهمون في جلب مزيد من الاستثمارات من الخارج.

طبقاً للبنك الدولي، فقد بلغت صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إلى الكويت 145 مليون دولار أمريكي خلال عام 2009 مقابل ما يزيد عن 10 مليار دولار أمريكي إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لنفس السنة. وتبين المعلومات التاريخية أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة اتسمت بالتباين وعدم الثبات عبر السنوات، حيث بلغت ذروتها سنة 1996 لتصل إلى 348 مليون دولار أمريكي وبمتوسط تاريخي لا يتجاوز 40 مليون دولار أمريكي.

  • مخاطر المعرفة – القدرة على نشر وتنظيم المعلومات والبحوث

يتبين مما ورد أعلاه حول التحديات التي تواجه خطة التنمية الكويتية مدى الحاجة إلى التركيز على مختلف الإجراءات. وخلال العقود القادمة، سوف تحتاج الحكومة إلى اتخاذ العديد من الإجراءات الهامة في صورة استثمارات وخصخصة وإصلاحات وتدريب وما إلى ذلك. وجملة هذه الإجراءات سوف يترتب عليها آثار قصيرة وطويلة المدى بما فيها تنوع اقتصادي وخفض معدلات البطالة وتشجيع الاستثمارات الأجنبية وتكوين رأس المال وما إلى ذلك. وكل هذا من شأنه أن يقود إلى تنمية اقتصادية مستدامة وتوزيع عادل للثروة وتهيئة الكويت في نهاية المطاف لتصبح مركزاً تجارياً ومالياً إقليمياً.

 

###

للحصول على التقرير بالكامل يرجى الاتصال بالعنوان البريدي التالي [email protected]

 # انتهى#

معلومات حول "المركز"

و الجدير بالذكر أن المركز المالي الكويتي (ش.م.ك) "المركز" ، الذي يدير أصولاً يزيد مجموعها عن 1.03 مليار دينار كويتي كما في 31 ديسمبر 2010، وتأسس "المركز" عام 1974 ثم أصبح واحداً من المؤسسات المالية الرائدة على مستوى منطقة الخليج في مجالي إدارة الأصول والاستثمارات المصرفية . و تم إدراج "المركز" في سوق الكويت للأوراق المالية في عام 1997 ، ومنحته وكالة (كابيتال انتليجنس) مؤخراً تقييماً ائتمانياً من مرتبة "BBB +" .

###